25 - 08 - 2025

ضوء | ننعي البحر

ضوء | ننعي البحر

طالعتنا جريدة الأيام البحرينية قبل سنوات، وبالتحديد في ٢٥ نوفمبر ٢٠٢١، عن تفاصيل المخططات لبناء خمس مدن، على جزر بحرية هي: فشت الجارم، وفشت العظم، وجزيرة سهيلة، وخليج البحرين، وجزر حوار، وهذا يعني ردم مساحة شاسعة تبلغ آلاف الكيلو مترات من البحر لإنشاء هذه المدن الاستثمارية للسياح والمستثمرين، لتزيد من مساحة البحرين الحالية بنسبة تفوق ٦٠٪؜ بحسب تصريح وزير المالية.

ماذا يقول المرء؟

هل نجهز مراسم الدفن  والنعي لبحرنا الكئيب ؟ كتبنا عشرات المرات وتعبنا ونحن نناشد أصحاب القرار بوقف ردم البحر.

لم يتبق بحر في البحر،  لا أمواج في بحرنا الذي يلهث من التعذيب والقتل..

لا مطر، لا سماء زرقاء، لا نجوم، لا هواء نقي، كل شي كالح مالح (أكلح أملح)، كل شيء ملوث،  وكل المستشفيات مكتظة بالمرضى والموتى.

وها هم الآن يريدون القضاء كلياً على ما تبقى من البحر.

من أجل من؟ من أجل عيون السياح والمستثمرين الأجانب!

لماذا تغضون النظر عن مصلحة الأرض والبلاد والعباد؟

فشت العظم وفشت الجارم هما منطقتان من أهم مناطق تكاثر الربيان والأسماك، لأن فيهما الحيود البحرية والشعب المرجانية، كما أنه يقطنها عشرات الآلاف من الطيور البحرية المهاجرة التي تتكاثر فيهما.

كل الدول تحافظ على البيئة البحرية والكائنات البرية والبحرية. فلماذا نحن نفرط بسهولة في بحورنا وجزرنا ؟

لماذا نردم المزيد من البحر ونقتل الحيود البحرية والشعاب المرجانية التي تحتاج مئات السنين لكي تتكون من جديد؟ ونأتي بكل وحشية وفي غمضة عين ندمر ما وهبنا الله من نعم، بآلات التدمير والحفر الوحشية في لحظة..

تعاني البحرين من شح شديد في الثروة السمكية حتى صرنا نستورد الأسماك من كل مكان،  بعد أن كان بحرها فيه كل الخيرات والنعم، وأصبحت أسعار الأسماك والربيان وكل أنواع الكائنات البحرية باهظة الثمن، ولم يتبق إلا القليل من هذه الثروة بسبب الردم المتكرر للبيئة البحرية ، حيث تم ردم البحر أكثر من  خمسة أضعاف مساحة البحرين الأصلية.

وهاهم يريدون زيادة التصحر بنسبة تفوق ٦٠٪؜!

اوقفوا ردم البحر ، لا نريد جزر اصطناعية يقطنها الغرباء، نريد بحرنا أن يبقى لنا وللأجيال القادمة، نريد استرجاع ثروتنا السمكية الوطنية، نريد استرجاع صحتنا وشواطئنا وطبيعتنا الخلابة.. انظروا إلى جميع الدول كيف حافظت وتحافظ على ثرواتها، وخاصة الدول المجاورة مثل عمان، يمكن أن نستغل بحرنا الجميل في إنعاش السياحة وازدهار الاقتصاد.

نناشد كل من لديه ضمير أن يعمل على وقف قتل البحر، لأن ذلك يعني قتل البلاد والعباد.

والله من وراء القصد.
-----------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الاوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | ننعي البحر